يكاد الخطاط الإماراتي محمد عيسى خلفان ، لا يشعر بمن يحيط به عندما يعمد إلى تنفيذ لوحة خطية من فرط استغراقه في العمل ، وربما تدفعك هذه الحالة إلى التردد في مقاطعته، من أجل ألا تفسـد عليـه هذه المتوالية الحروفيـة ، إذ يبدو أنه غير مستعـد لأي التفاتة أو إيماءة أثناء انشغاله ، كما لوأنه في حالة صوفية .
خلفان الذي اعتاد أن يمثل الدولة في عدد من الفعاليات الدولية المحتفية بالخط ، ومنها ملتقى رمضان لخط القرآن الذي تشارك به سنوياً نحو 12 دولة ، وتنظمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ، قال لـ«الإمارت اليوم» عن أسباب قلة عدد لوحاته، خلال اشتراكه في المعارض، إن «الدوام الرسمي يأخذ قسطاً كبيراً من الوقت المتاح على مدار اليوم، فيما يستحوذ الاهتمام بالأسرة وشؤونها على ما تبقى من اليوم، بما في ذلك الإجازة الأسبوعية، ولا يتبقى لي مع الخط إلا القليل من الوقت ، وبشكل غير منتظـم ، ويمكن وصف خلفان بأنه شرطي برتبة خطاط ، إذ يعمل في شرطة عجمان .
60 لوحة فقط هي مجموع ما أنجز خلفان حتى الآن من الأعمال الخطية، منذ عام ،1989 وعلى مدار نحو 23 عاماً، بنسبة لا تصل إلى ثلاثة أعمال خطية في العام، لدرجة أنه أصبح يمتنع عن بيع لوحاته التي تمثل بالنسبة له مصدر دخل مهماً، من أجل أن يجد ما يشارك به
في المعارض المختلفة ، حيث لايمتلك خلفان سوى 10 لوحات الآن .
الحل يأتي على لسان خلفان نفسه، الذي يعترف بأنه يفكر بشكل أكبر من أي وقت مضى في اعتزال الوظيفة الرسمية، والتفرغ بشكل نهائي لفن الخط، مضيفاً «معظم الخطاطين الذين ترشح أعمالهم لمعارض دولية هم محترفون لفن الخط، ما يجعل بعض الدول تشارك بعدد أكبر من الخطاطين من المشاركة الإماراتية دائماً، حتى بالنسبة لفعاليات تحتضنها الدولة، لذلك فإن حل الاحتراف لا يمثل مفتاحاً لحل معضلتي الشخصية، بقدر ما يمثل وسيلة لإحداث زخم في المشاركات الإماراتية، لاسيما أن هناك كثيراً من الفعاليات العالمية التي تحتضنها الدولة سنوياً في فن الخط، سواء في أبوظبي أو دبي أو الشارقة وعجمان، وغيرها .
وتوقع خلفان ألا تكون ثمة مشكلة مالية أمام الخطاطين الإماراتيين الذين يلجأون إلى التفرغ تماماً للإبداع الحروفي، بالنسبة لي فإن لدي مشكلة بالأساس مرتبطة بارتفاع وتيرة الطلب على اللوحات الخطية، مع ندرة المعروض ، وأعتقد أن هذا الأمر متكرر مع معظم الخطاطين الإماراتيين المجيدين ، ولن تكون ثمة مشكلة في ما يتعلق بالمردود المالي، الذي سيرتفع حتماً مع ارتفاع وتيرة إنجاز اللوحات، الذي سيواكبه غالباً بارتفاع القيمة الفنية أيضاً . خلفان الذي كان أيضاً الخطاط الإماراتي الوحيد المشارك في أحدث معارض الخط العربي الدولية المنظمة في دبي، على هامش الدورة الرابعة لملتقى رمضان لخط القرآن، الأمر الذي تكرر أيضاً في دورات سابقة للحدث نفسه، أضاف أن " هناك عزوفاً ملحوظاً من الخطاطين الإماراتيين عن الإبداع بخط النسخ، وهو أحد العوامل الرئيسة التي جعلته الخطاط
الوحيد المشارك في هذه الفعالية " .
وأكد «مع ميل كل خطاط للإبداع بأسلوب بعينه، فإن التنوع أيضاً يغدو مطلوباً من أجل كسر
النمطية والإبتعاد عن إشكالية تكرار ذات التجارب "
وحول وفرة المعارض والفعاليات المرتبطة بفن الخط العربي التي تشهدها الإمارات، قال خلفان إن «وجود الخطاطين الإماراتيين في تلك الفعاليات المختلفة ، التي تضم أساتذة وخبراء وفنانين ينتمون لمدارس وأساليب فنية مختلفة، من شأنه أن يضيف الكثير لذوي الخبرات المحلية، حتى وإن كانوا بعيدين عن المشاركة الرسمية في تلك الفعاليات .
وأوضح أن «الخطاط اللمّاح الساعي إلى تطوير أدواته يستفيد بمجرد مطالعة نتاجات على مستوى فني عالٍ، ولا تقتصر الاستفادة على الجوانب الإجرائية التي تتضمنها المحاضرات النظرية، وورش العمل التطبيقية» وتوقع خلفان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الاهتمام بفن الخط في الإمارات، مضيفاً أن «الفعاليات والمسابقات والمعارض المختلفـة المقامـة في الإمارات أصبحت محط اهتمام زملائنا في مختلف أنحاء العالم، مثل معرض دبي الدولي للخط، وجائزة البردة العالمية ، التي يأتي الإبداع الحروفي رئيساً في منافساتها ، وملتقى رمضان لخط القرآن ، وغير ذلك من الفعاليات التي تسهم في توفير مزيد من الاحتكاك الدولي للخطاط الإماراتـي .
قال الخطاط الإماراتي محمد عيسى خلفان، الذي مثّل الدولة في معارض ومسابقات دولية للخط، إن مقتني الأعمال الحروفية ، واللوحات الخطية يلعبون دوراً كبيراً في الارتقاء بفن الخط في الدولة، ويقومون بجهود كبيرة في مجال نشر ثقافة تذوق جمالياته بين قطاع عريض من الجمهور .
وأكد أن قرار سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي ، باقتناء أعمال الخطاطين الإماراتيين المشاركين في معرض دبي الدولي للخط في دورته السابقة، رسالة تؤكد الرعاية الرسمية للخطاط الإماراتي ، والاحتفاء بموهبته»، لافتاً في السياق ذاته إلى «تنوع مقتنيات رئيس المجلس الوطني الاتحادي ، الأديب محمد المر ، الذي مثلت مقتنياته جناحاً كاملاً في معرض دبي الدولي للخط .
وأضاف أن « وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، عبدالرحمن العويس، يعد أحد أبرز مقتني لوحاته منذ زمن بعيد، حتى قبل توليه المنصب الوزاري»، موضحاً أن هذا الأمر ليس مقتصراً على أعمال خطاط بعينه، بل إن هناك شغفاً ملحوظاً بالإبداعات المحلية بشكل عام.
خلفان، الذي يبلغ من العمر 46 عاماً، وبدأ مشواره مع الخط عام ، 1986 لايزال وفياً لخبرات استقاها من معلمه الأول الذي منحه إجازة الخط، الدكتور صلاح شيرزاد ، بعدما بدأت في المداومة على ورش الخط بدار ابن الأرقم ، ثم معهد الخط العربي في الشارقة عام ،1998 تبناني فنياً الخطاط شيرزاد ، الذي كان يفرغ نفسه في منزله لمنحي بعض خبراته بشكل تطوعي بعدما أضحى شديد الاقتناع بموهبتـي .
